لم يتمكن الرئيس إيمانويل ماكرون من الحصول علناً على تفويض من قمة الكبار السبعة “G 7” التي إستضافها في بياريتز، للتفاوض مع ايران على حل الأزمة المتفاقمة منذ إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي، وما تبع ذلك من عقوبات.
ماكرون تعمّد الإعلان أنه لم يتلقّ تفويضاً من المجموعة، رغم ان مصادر ديبلوماسية قالت إنه كلف توجيه رسالة الى طهران لتجنب التصعيد في المنطقة، ربما تجنباً لإستباق الفشل، لكن مسؤولاً فرنسياً قال إن ماكرون بصفته رئيساً للمجموعة حصل بالفعل على صلاحية إجراء مناقشات مع الإيرانيين وتوجيه رسالة إليهم على أساس المناقشات التي جرت في اجتماع بياريتز.
الرئيس دونالد ترامب كان واضحاً بقوله إنه لم يناقش هذا الأمر مع ماكرون وإن الولايات المتحدة ستقوم بمبادراتها الخاصة “لكنها لن تمنع الناس من التكلم وإذا أرادوا يمكنهم ذلك”، في حين لوّح حسن روحاني أمس بقبول الجلوس مع ترامب “إذا كان هذا لمصلحة البلاد”!
واضح ان هناك محاولة لإعطاء ماكرون فرصة لوضع المفتاح في القفل، بعدما كان ترامب قد هاجمه عشية قمة السبع، عندما قال إنه يرسل إشارات متضاربة رغم انه يقصد خيراً لكن أحد لا يتحدث نيابة عن الولايات المتحدة، وهو ما أوحى ولا يزال بأن مبادرة الحل تبقى في واشنطن ولا مانع من تمهيد فرنسي!
لكن من الواضح ان الأمور تدور الآن في نطاق الآلية الأوروبية “انيستكس” التي إنتقدتها إيران وإعتبرت أنها غير كافية لإنقاذ الاتفاق النووي، متهمة الأوروبيين بالتقاعس، وذهبت الى رفع نسبة تخصيب الأورانيوم مهددة بالخروج من الاتفاق الذي كان عقد عام ٢٠١٥! لكن وصول محمد جواد ظريف الى باريس خلال قمة السبع ومحادثاته مع الفرنسيين في كواليس المؤتمر، تمّ بعلم الاميركيين وسرت تكهنات عن رغبة إيرانية في التراجع خطوة الى الوراء، خصوصاً مع تصاعد الأزمة الاقتصادية الخانقة، وقيل إن طهران قد تكون مستعدة للتوقف عن التخصيب في مقابل تفعيل آلية “أنيستكس”، التي تحاول الإلتفاف على العقوبات عبر التبادلية الثلاثية!
ظريف يقول إنه قدم إقتراحات الى فرنسا عن كيفية تنفيذ الأوروبيين إلتزاماتهم، وإن فرنسا قدمت مقترحات في هذا الشأن، لهذا من الواضح ان القمة تركت هامش تحرك لماكرون مع ان الحل يبقى في واشنطن.
وفرص ماكرون لا يمكن ان تتجاوز ما سبق لترامب ان أعلنه من “ان المطلوب من طهران بسيط للغاية: لا أسلحة نووية ولا مزيد من زعزعة الأمن في المنطقة ومن تمويل الإرهاب ورعايته”، وهو ما يعني ضمناً محاولة صريحة لدفع طهران الى داخل حدودها!
ولعل محمد جواد ظريف يعرف أكثر من غيره أنه ليس في وسع الأوروبيين إنقاذ الاتفاق النووي بصيغته الراهنة، ومع المسالك السياسية والأمنية الإيرانية في المنطقة، وسبق له ان أعلن في شكل واضح بعد بدء العقوبات، أنه ليس في وسع أوروبا ان تفعل شيئاً، والدليل ان الحكومات الأوروبية لم تستطع إقناع شركاتها الكبرى بعدم الانسحاب من ايران هرباً من العقوبات الأميركية، لكن لا مانع من ان يجرب ماكرون فتح كوة في جدار ترامب!
Views: 7