بحثاً عن المخلفات ينتشر (النباشون) بين أكوام القمامة، من مختلف الأعمار، لجمع (غلة) تتحدد وفق مايجدونه، غير مبالين بالضرر الذي قد يسببه لهم ولغيرهم هذا الفعل.
علماً أن «نبش» القمامة ظاهرة غير قانونية لكونها تتعارض مع قانوني النظافة والصحة العامة, فأخطارها لاتقتصر على من يزاولها كـ (مهنة) فتناثر الأوساخ بعد تمزيق الأكياس يجذب الحشرات والجرذان والفئران ويعرض الأهالي القاطنين لأوبئة وأمراض هم في غنى عنها إضافة إلى تشويه المنظر الجمالي للحي.
المواطن منذر خليل يقطن في المزة 86 يقول: نعاني كثيراً من «نباشي» القمامة في حيِّنا الذين يخرجون الأكياس من الحاويات ويبدؤون بعثرة ما في داخلها من أوساخ وهذا ما يسبب انتشار الحشرات والفئران بشكل كبير ويعرض السكان للعديد من الأمراض.
خالد الذي يبلغ من العمر السادسة عشرة ويعمل في «نبش» حاويات القمامة يقول :إنه يجمع ما يجده من حديد وبلاستيك ويبيعها من أجل تأمين ما يسد رمق أسرته التي يزيد عدد أفرادها على الستة، فقد اضطر لترك المدرسة من أجل العمل وتأمين لقمة العيش، ولم يجد عملاً سوى نبش القمامة وبيع مايجده وفي ذلك يقول «هذا العمل أفضل من السرقة وطرق الأبواب».
أحد «نباشي» القمامة قال لنا: أتردد إلى الحاويات يومياً لأبحث عن علبة كرتون أو أي خردة يمكن بيعها لأجني منها مالاً، حيث أجوب الكثير من المناطق السكنية والحارات التي ترمي الكثير من الأكياس، وبعض الأغراض عديمة الفائدة والنفع أبيع منها ما يؤخذ وأترك ماليس له فائدة،مشيراً إلى أنه على الرغم من كل الروائح والأمراض الجلدية التي نتعرض لها إلا أن نبش القمامة هو (المهنة الوحيدة) التي أستطيع العمل بها.
أبو محمد عامل في مديرية النظافة في دمشق يقول: إن معاناتنا من نباشي القمامة معاناة كبيرة ويومية, فبسببهم يصبح جهدنا في عمليات التنظيف وترحيل القمامة مضاعفاً، فنباشو القمامة يبعثرون محتويات كيس القمامة في كل مكان ونحن مضطرون لجمعها مجدداً… أبو رضوان يعمل في نبش القمامة منذ زمن قال: إنها لا تحتاج خبرة أو أي شهادة فهي أقل مرارة من طعم الفقر، وما يهم نباش القمامة هو جمع ما يصلح للبيع لإعادة تدويره من قبل من يشتريه ليبيعه لاحقا بمبلغ مضاعف، وبين أبو رضوان أنه, بالرغم من صعوبة التنقل وحرارة الجو العالية وبرودته, إلى أن ما يسعى للحصول عليه بالكاد يكفي مصروف أسرته فيوميتة قد تصل إلى 2500 – 3000 ليرة حسب الكمية التي يجمعها و نوعها.
أحد عمال النظافة تحدث عن سبب لجوئه لعملية (النبش) داخل أكوام القمامة، قائلاً: راتب عامل النظافة لا يتجاوز الـ 38 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يكفي لسد حاجات الإنسان ضمن الظروف الحالية، ولهذا نلجأ لجمع قطع البلاستيك والخبز وبيعها، منوهاً بأن كيلو الخبز اليابس يباع بـ20 ليرة، في حين يباع كيلو البلاستيك بـ 50 ليرة.
وأضاف أبو محمد: نعلم أنه في حال تم ضبط أحد عمال النظافة وهو يقوم بالنبش داخل أكوام القمامة، يُخصم من الراتب ما يسمى (طبيعة العمل مدة شهر) ولكني مضطر للعمل بنبش القمامة, فراتبي لايكفي إضافة إلى أن عملي يعرضني للخطر بسبب رمي المواد الحادة كالزجاج داخل أكياس القمامة.
المهندس عماد العلي- المشرف العام على مجمع الخدمات ومدير النظافة في محافظة دمشق قال في لقاء لـ«تشرين»: إن ( نبش القمامة) مخالف لقانون النظافة رقم 49 بالرغم من أنها مخالفة إلا أن أعداد من يعمل في نبش القمامة ازدادت في الآونة الأخيرة, خصوصاً من هم تحت السن القانونية و فوق السن أيضاً وفي مديرية النظافة لدينا شعبة متابعة مختصة بمتابعة هذا الموضوع, إضافة إلى دوريات تقوم بجولات تعمل على مدار الساعة لضبط عمليات (النبش) واتخاذ الإجراءات المناسبة بحق (النباشين)، وفي حال وجود أي مخالف يتم تطبيق القانون 49 الخاص بالنظافة بحقه، علماً أنه لدينا في مدينة دمشق ستة آلاف حاوية ويقوم هؤلاء «النباشون» باختيار أوقا ت معينة للبحث في القمامة، حتى عامل النظافة لايحق له النبش أو البحث في القمامة وأي عامل نجده يقوم بنبش القمامة أو يبحث فيها يعاقب ويتم خصم شهر طبيعة عمل من راتبه, فجميع العمال يحصلون على ميزة إضافية وهي(طبيعة العمل) التي تعني 75% من راتب العامل، لذلك هو غير مضطر للعمل بنبش القمامة وتعريض حياته للخطر.
مشدداً على أن لا تعاطف أبداً مع (النباشين) لما تسببه هذه الظاهرة من أضرار كبيرة على الصحة وعلى المظهر الحضاري بشكل عام.
وأضاف العلي: بالنسبة لنباشي القمامة الذين يجمعون مايجدونه ويضعونه بسيارات أو آليات نقوم بحجز المركبة مدة تتراوح من الشهر وحتى ثلاثة أشهر بعد مصادرة مافيها من مواد وإتلافها. مشيراً إلى أن محافظة دمشق أبرمت عقداً مع متعهد هو من يقوم بعملية الفرز وإعادة التدوير بداخل المعمل، أما فيما يتعلق بالنفايات الطبية فأشار العلي إلى أنها تعامل معاملة خاصة فهناك حاويات مخصصة للمشافي, وأخرى مخصصة للنفايات المطبخية وأي خلط بينها يعرض المشافي لعقوبات رادعة ودفع غرامة 150 ألف ليرة و تزيد، علماً ان كمية النفايات الطبية تعادل 5 أطنان يومياً نقوم بنقلها إلى معمل الجارونية وتتم معالجتها على جهاز «أوتوغريف» وتعقم بدرجة حرارة عالية، إضافة إلى أنها تخصص بسيارات مغلقة لنقلها مع وضعها في أكياس زرقاء ليتم تمييزها عن أكياس القمامة الأخرى.
وطالب العلي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إذا كان هناك أطفال تحت سن الـ18 ويعملون بنبش القمامة معالجتهم وتوعيتهم اجتماعياً بمخاطر هذه (المهنة)، إضافة إلى دور وسائل الإعلام في توعية المواطن عن طريق برامجها التوعوية لأن عملية نبش القمامة لها مضارها الصحية والبيئية على الأطفال القاصرين الذين ستنتقل لهم أمراض كثيرة من جراء عملهم في نبش القمامة.
Views: 7