تمادي عجز أهل الحكم في إدارة سلسلة الكوارث والأزمات التي تطوق لبنان، وضع البلد في مشهد الإنتحار الجماعي!
الإنهيارات إجتاحت مقومات الدولة، وقوَّضت أسس حياة الناس، وخلعت قواعد النظام العام، وقضت على أبسط بديهيات العيش الكريم، وأطاحت بالعملة الوطنية وبمرتكزات الإستقرار الإجتماعي.
أصبح نادراً أن يمر يوم في لبنان دون تظاهرات إحتجاج في أكثر من منطقة، ودون سقوط قتلى أو جرحى في الشارع، أو في محطة بنزين، أو بدون أن نسمع عن تزايد هجرة الشباب والعائلات، والتي بدأت تتحول إلى هجرة الحياة كلها، كما فعل الشاب ماتيو نجل الأب عبدو علاوي، الذي شنق نفسه في منزله العائلي، فيما والده مسخر حياته لمؤسساته الخيرية التي يساعد فيها الأيتام والأرامل، وأصحاب الحاجات الخاصة..، ولكنه لم يستطع أن يساعد إبنه للخروج من حالة اليأس والإكتئاب وفقدان الثقة بالمستقبل، والتي أوصلته إلى الإنتحار.
كل ذلك وأسعار البنزين على وشك أن تفلت من الدعم، والرغيف شق طريق الإرتفاع، والمواد الغذائية دخلت عالم البورصة المتقلب بين لحظة وأخرى، وأرقام البطالة تتراقص إرتفاعاً يوماً بعد يوم، ونسبة الفقر في ازدياد مضطرد، الأمر الذي يُسرّع ساعة الإرتطام المخيف من جهة، ويؤجج غضب الشارع الذي أصبح على قوسين من الإنفجار الكبير .
وبالمقابل، فإن أهل السلطة مستمرون في سياسة الإنكار ودفن الرؤوس في رمال الأزمات المحرقة، تستراً على هذا العجز المعيب، ليس فقط عن تشكيل حكومة إنقاذية تضع البلد على سكة الإصلاحات المطلوب، بل وأيضاً وهنا الكارثة، عدم القدرة على إدارة الأزمات الراهنة، والعمل على تخفيف معاناة الناس.
الإستئثار بالسلطة، الهيمنة على القرار السياسي، محاولة إلغاء الآخر، وخوض المعارك الإنتخابية، خاصة الرئاسية، قبل إستحقاقها، هي التي تستأثر بإهتمام أهل الحل والربط، .. على قاعدة «ومن بعدنا الطوفان»!
Views: 5