مع عودة الهدوء الحذر إلى محاور التوتر التقليدية في مثلث الشياح عين الرمانة والطيونة، وبانتظار بلورة نتائج التحقيقات لوضع حدّ منطقي للكمية الكبيرة من الشائعات والتحريض في أكثر من إتجاه، كشفت معلومات لمصادر نيابية مطلعة، عن تركيز كبير في اللحظة الراهنة بين القيادات السياسية والمرجعيات الروحية، على تطويق واستيعاب كل الترددات السلبية على مجمل المشهد العام على الساحة الداخلية، وعلى كل المستويات وفي كل المناطق، وبشكل خاص على الحكومة التي كانت الضحية الأولى لمسلسل الأحداث الأخيرة.
والسؤال الكبير الذي طرحته هذه الأوساط، والذي يتخطى اللحظة الراهنة، يتناول الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة والتي أصبح مصيرها في مهب المعالجات ومدى قدرتها على إعادة الوضع إلى ما قبل الثالث عشر من الجاري، أي إلى ما قبل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، مع العلم أن القلق الذي عبّرت عنه أطراف داخلية وخارجية، على هذا الإستحقاق قد أعاد التأكيد بوجوب احترام المهل الدستورية، خصوصاً وان هذا الأمر تزامن مع كلام سياسي حول عدم إسقاط الإستحقاق الإنتخابي النيابي مهما كانت التحديات.
ورداً على علامات الإستفهام المطروحة في الشارع كما في الكواليس عن ملامح المرحلة المقبلة سياسياً وأمنياً وقضائياً واقتصادياً، توضح الأوساط النيابية نفسها، أن كل الأجندات السياسية معلّقة أو مؤجّلة اليوم، بانتظار جلاء الصورة سواء في ملف التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت أو في أحداث الشياح-عين الرمانة، والتي لن تتأخر بحسب هذه الأوساط، التي كشفت عن اتصالات مكثفة تبذلها القيادات الرسمية وفي مقدمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، من أجل ضبط ردود الفعل في الشارع والحؤول دون انزلاق الوضع الأمني إلى المجهول.
ومن هنا، فإن الأوساط لا تخفي أن المرحلة الحالية دقيقة، وأن ما حصل أخيراً سوف يعيد خلط الأوراق على صعيد التحالفات السياسية والحزبية على الساحة الداخلية، ولكن السبيل الوحيد لعودة الإنتظام يكون عبر الإحتكام إلى المؤسسات الدستورية، والإبتعاد عن كل ما من شأنه زيادة الوضع الأمني خطورةً وتصعيداً. ولذا فإن الإرتدادات الداخلية على الحكومة ستحدد مدى التأثير لاحقاً على الإنتخابات النيابية، وذلك لجهة التغيير في أجندة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والذي سيطال كل الملفات وفي مقدمها طبعاً ملفي الإنتخابات المقبلة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ومن أجل الإستمرار في تحقيق هذه الاهداف، تقول الأوساط النيابية المطلعة، أن ميقاتي، قد استنفر كل طاقاته في إطار مواصلة العمل على خروج البلاد من واقع الإنهيار الإقتصادي، عبر حركة سياسية ناشطة في كل الإتجاهات، تأخذ في الإعتبار بالدرجة الأولى كل العناصر الطائفية والمذهبية التي تداخلت في الأجندة الحكومية وأدت إلى تعليق أي بحث في الوقت الراهن، ريثما يتمّ العمل على إعادة تهدئة مسار الأوضاع في مثلث التوتر المذكور وأيضاً في مناطق أخرى قد شهدت امتداداً لحال التشنج والإحتقان إليها، في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
Views: 1