أثار تأخر زراعة الشوندر السكري عن موعده المناسب جدلاً واسعاً حول الجهة المسؤولة عن هذا التأخر والآن بدأت تتكشف بعض نتائج هذا الخلل فنصف المساحات المزروعة تعاني انخفاض نسبة إنبات وبطئاً بالنمو بسبب الظروف الجوية السائدة وبدأ بعض الفلاحين يتحضرون لزراعة المساحات التي ستقلب بمحاصيل بديلة في حين تسعى كل جهة معنية بتأخر الزراعة بالوقت الحالي لإيجاد مبررات لرفع المسؤولية عنها فما هي أسباب تأخر الزراعة؟ ولماذا وصلنا إلى هذه الحالة بعد الانطلاقة الواعدة لإعادة إحياء زراعة الشوندر في محافظة حماة..؟!
قرارات تفتقد لمرونة
عندما تم رفع سعر شراء محصول الشوندر في شهر شباط الماضي من ٢٥ ألف ليرة للطن إلى ١٧٥ ألفاً كانت هذه التسعيرة تتناسب مع تكلفة الإنتاج وهذا دفع الفلاحين للتعاقد مع شركة سكر سلحب لزراعة ٤٣٢٢ هكتاراً لكن بعد شهرين تضاعفت تكلفة الإنتاج عدة مرات، إذ ارتفعت أجرة حراثة الدونم الواحد من خمسة آلاف إلى ٣٠ ألفاً وهذا دفع الفلاحين المتعاقدين للتراخي في تجهيز أراضيهم لزراعة الشوندر هرباً من الخسائر التي تنتظرهم إلا أنهم فوجئوا في موعد بدء زراعة المحصول بإقرار تسعيرة جديدة للمحصول (٢٥٠ ألفاً للطن) لكن المصارف الزراعية لم تبدأ بتسليم البذار للفلاحين حتى بداية شهر تشرين الثاني بمبرر عدم إقرار تسعيرة للبذار، حيث دخل الفلاحون في حالة من التخبط وسباق مع الزمن واستطاع بعض الفلاحين زراعة أراضيهم خلال النصف الأول من شهر تشرين الثاني بينما تأخر الباقي بزراعة أراضيهم حتى نهاية تشرين الثاني وبداية كانون الأول وأغلب هؤلاء زرعوا المحصول على مضض تحت ضغط الالتزام بتنفيذ مضمون العقد الموقع مع شركة سكر تل سلحب..!
مساحات مهددة بالتلف
أكد المهندس أوفى وسوف المدير العام للهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب إن التأخر بزراعة الشوندر عن موعد الزراعة المناسب بالفترة من ١٥ تشرين الأول حتى ١٥ تشرين الثاني له منعكسات مؤثرة من ناحية تأخر الإنبات بسبب الظروف الجوية وانخفاض المردودية الإنتاجية حيث بلغت المساحات المزروعة بالشوندر بالموسم الزراعي الحالي ٢٨٣١ هكتاراً من إجمالي المساحة المقرر زراعتها و البالغة ٤٣٢٢ هكتاراً في حين بلغت المساحات المنظمة زراعياً ٣٨١١ هكتاراً بينما تم توزيع بذار على الفلاحين لمساحة ٣٢٦٩ هكتاراً.
ولفت وسوف إلى أن الهيئة تلقت عشرات الطلبات من الفلاحين تبلغ عن تلف مساحات من الأراضي المزروعة بالشوندر بسبب الصقيع وتم تشكيل لجنة من الهيئة برئاسة معاون المدير وتضم أعضاء من الثروة النباتية والوقاية والإحصاء والرقابة الداخلية للنظر بهذه الطلبات حيث أكد أحمد الشدهان معاون مدير عام الهيئة رئيس اللجنة أن ٩٠ % من الحقول المتضررة اعتمد أصحابها على الأمطار في رية الإنبات والتي لم تكن كافية للإنبات و١٠ % من الأضرار بسبب الصقيع لافتاً إلى أنه من المتوقع أن تشمل المساحات المتضررة نصف المساحة المزروعة بالشوندر.
منعكسات تأخر الزراعة
يروي المزارع إبراهيم محمد أن المصارف الزراعية بدأت بتوزيع بذار الشوندر للفلاحين في بداية شهر تشرين الثاني وهذا سبب أساسي لتأخر زراعة المحصول عن موعده المناسب تضاف إلى ذلك أسباب أخرى منها عدم تجهيز الأراضي للزراعة بسبب عدم مواكبة إقرار التسعيرة لتغيرات تكاليف الإنتاج وأضاف محمد: إن تأخر زراعة المحصول بالموسم الحالي عن موعده المقرر و المحدد بالفترة من ١٥ تشرين الأول حتى ١٥ تشرين الثاني له تداعيات مؤثرة على المردودية الإنتاجية في وحدة المساحة مشيراً إلى أنه في أحد المواسم الماضية وبسبب ظروف مناخية لم تسمح له بتجهيز كامل أرضه لزراعة المحصول حيث زرع نصف أرضه بالشوندر في ١٥/١٠ وبعد شهر ونصف استكمل زراعة النصف الآخر من الأرض وقدم للمحصول نفس الخدمات الزراعية (تسميد- تعشيب- ري..) لكامل الأرض وقد تفاجأ عند جني المحصول أن المردودية الإنتاجية بالزراعة المتأخرة انخفضت إلى نصف مما هي عليه بالمساحة المزروعة في موعدها في ١٥ تشرين الأول…!
يجب محاسبة المتسببين
رئيس الجمعية الفلاحية في قرية المسحل محمد إبراهيم قال: إن بذار الشوندر كان متوفراً بالمصارف الزراعية في موعد الزراعة بتاريخ ١٥/١٠ لكن المصارف رفضت تسليم البذار للفلاحين بمبرر أنه لم تصدر تسعيرة للبذار ولم يأتهم أمر بتسليم البذار للفلاحين ولم تبدأ المصارف بتوزيع البذار على الجمعيات الفلاحية وعلى المزارعين (عقود خاصة) حتى بداية شهر تشرين الثاني وتسبب ذلك بتأخر زراعة المساحات التي كانت جاهزة للزراعة مدة ١٥ يوماً والمعروف أن كل يوم تأخير بالزراعة عن موعدها المقرر يؤخر نمو نبات الشوندر ٢٠ يوماً نظر لتوفر الجو المناسب للإنبات والنمو بالفترة المحددة من ١٥ تشرين الأول حتى ١٥ تشرين الثاني ولذلك من الضروري فتح تحقيق لمعرفة ملابسات تأخر إيصال بذار
الشوندر للمزارعين بالموعد المقرر لزراعة المحصول ومحاسبة المتسببين بدلاً من إلقاء كل اللوم على الفلاحين الذين يسعون بكل ما أوتوا من قوة لزراعة أراضيهم بالشوندر كونه محصولاً مجدياً اقتصادياً لتأمين لقمة العيش في هذه الظروف المعيشية الصعبة!
السكر لم تبلغ بالأضرار
من جهته أوضح المهندس رامي عيسى المكلف بتسيير مهام مدير عام شركة سكر تل سلحب أن العقود الموقعة مع الشركة بلغ عددها ٤٤٦٣ عقداً وتشمل مساحة ٤٣٨٥ هكتاراً وأن الشركة لم تبلغ حتى الآن بوجود أضرار بالمساحات المزروعة بالشوندر لافتاً إلى أن الشركة تنفذ بالوقت الحالي الصيانة الدورية للمعمل و سيكون المعمل جاهز للإقلاع بالعمل في موسم تصنيع الشوندر السكري و بما يتعلق بالمساحات المزروعة و إذا كانت كميات الإنتاج كافية لتشغيل المعمل بدورة تصنيعية مجدية اقتصادياً قال عيسى: عند وصول المحصول لمرحلة تسمح بتقدير كميات الإنتاج سنعد دراسة للجدوى الاقتصادية من تشغيل المعمل وفق كميات الإنتاج المقدرة ونرسلها إلى الجهات الوصائية المعنية بتوجيه شركة السكر و هذه الجهات هي التي تحدد آلية التعامل مع هذه الوقائع.
وأخيراً
إن الانطلاقة الواعدة لإعادة إحياء زراعة الشوندر شابها خلل بالتنسيق بين وزارة الزراعة والمصرف الزراعي والفلاحين وتسبب ذلك بتأخر الزراعة عن موعدها المناسب وحدوث أضرار كبيرة بالمساحات المزروعة بعد منتصف شهر تشرين الثاني وبالتالي خسر الفلاحون أموالاً طائلة تكاليف زراعة هذه المساحات والأهم أن تراجع كميات الإنتاج سينعكس سلباً على الجدوى الاقتصادية للدورة التصنيعية في شركة سكر تل سلحب.
Views: 7