بات مصير الإنتخابات النيابية وسائر الإستحقاقات الدستورية والسياسية مرتبطاً بما يحصل من حرب مفتوحة على كل الإحتمالات الميدانية والمتغيّرات والتطوّرات في الإقليم، وعلى المستوى الدولي، في ظلّ ما يجري بين روسيا وأوكرانيا، ولهذه الغاية، فإن البرودة السياسية والإنتخابية ظهرت بوضوح في الداخل اللبناني، إذ غابت المواقف السياسية، بينما لا تزال الترشيحات للإنتخابات النيابية خجولة.
وهنا، تشير المعلومات إلى أن أحد المرجعيات السياسية كان منذ أسابيع يبني مواقفه حول كيفية خوض الإنتخابات النيابية، بمعنى تفعيل الماكينة الإنتخابية وإطلاق المعركة، إلاّ أنه، ومن خلال الصداقات التي تربطه ببعض العواصم الكبرى، قيل له أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون في غاية الدقة والأهمية، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه، سواء أكانت ستحصل الإنتخابات النيابية في لبنان، أم لا. وبالتالي كشفت المرجعية المذكورة، أن الحرب الروسية ـ الأوكرانية، والتي اندلعت في الساعات الماضية، ستترك تداعياتها على العالم بأسره، ولبنان لن يكون بمنأى عنها إن على الصعيد الجغرافي أو السياسي، وبفعل التلاصق الديموغرافي والإجتماعي والسياسي أيضاً بين لبنان وسوريا والحدود المشتركة بين البلدين، مما يبقي كل الإحتمالات واردة.
وعلى هذه الخلفية، تتحدث المعلومات نفسها، أنه قد يُصار إلى إعادة خلط أوراق سياسية وانتخابية ربطاً بما ستؤول إليه هذه الحرب من ارتدادات، ولهذه الغاية، فإن التعليمات والتحذيرات التي أُسديت للبنان من خلال أكثر من مسؤول عربي وغربي، قضت بأن يحافظ المسؤولون اللبنانيون على بلدهم وتحصينه على كافة المستويات خوفاً من القادم، خصوصاً من النواحي الإقتصادية، بمعنى أن الحرب الأوكرانية ـ الروسية ستضاعف من الأزمات القائمة في البلد، أي هناك أجواء بحصول تفلّت بكل ما يرتبط بالمشتقات النفطية والقمح، مما سيفاقم المشكلات القائمة حالياً، خصوصاً وأن البلد منهار أساساً في بنيته المعيشية والحياتية، ومن الطبيعي، وليس في وسعه أن يتحمّل المزيد من الأعباء الإضافية.
وعليه، قد يُصار إلى ربط نزاع حول الملفات الخلافية برمّتها، أنمّا على صعيد الإنتخابات، فإنه حتى الآن ليس هناك من أي مخرج أو صيغة للتأجيل أو التمديد للمجلس الحالي، ولكن الأمور مرهونة بأوقاتها، وبكيفية تصاعد الحرب بين موسكو وكييف، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة للإستحقاق الإنتخابي من كلّ جوانبه اللوجستية والسياسية، وهذا ما ستتوضّح معالمه خلال الأسابيع القليلة القادمة عندما تكون مشهدية هذه الحرب قد تبلورت، وبمعنى آخر فالأمور مرشّحة لمزيد من التطورات الميدانية، والتي سيكون لها وقعها في الداخل اللبناني والمنطقة والعالم بأسره.
من هنا، وإزاء ما يجري من حرب طاحنة هي الأشدّ وطأة منذ سنوات طويلة، فإن حبس الأنفاس في لبنان هو السائد حالياً أمام الأزمات المتراكمة والآخذة في التفاعل أكان على صعيد الخلاف السياسي، أو لناحية الأوضاع الإقتصادية المتدهورة، والتي بدورها تشكل منحىً خطيراً قد يؤدي في أي توقيت إلى انفجار إجتماعي. والسؤال المطروح وفق المراقبين لما يجري حالياً في أوكرانيا، هو حول قدرة لبنان على تحمّل فواتير باهظة الثمن، ولهذه الغاية، تتوقع المعلومات، أن يكون هناك تحرك رسمي وسياسي وحزبي لتحييد لبنان عن أي منزلق قد يقع به ، خصوصا أمام فلتان السوق النفطي والغذائي، لأن البعض بدأ يسوّق لذلك في ظلّ غياب الرقابة وتفكّك الدولة ومؤسّساتها.
وبناءً على هذه المعطيات، فإن أكثر من دولة عربية وغربية تدرك هشاشة الوضع القائم حالياً في البلد، وعطفاً على ذلك، قد تقدم على دعمه بالحاجات الأساسية إن على صعيد الحبوب أو المشتقات النفطية، كما وتسهيل حركة الإستيراد من دول أخرى، وذلك على خلفية الحفاظ على الإستقرار وعدم خروج الأمور عن نصابها، بمعنى أن لا تقدم أي جهة على استغلال ما يحصل دولياً وإقليمياً وتعمل على خلق الفوضى والإشكالات، وربما أكثر من ذلك في مثل هذه الأجواء القائمة حالياً.
Views: 3