كيف اخترقت مُخابرات الروسيّة نظيرتها الأوكرانيّة وجنّدت العشَرات من قِياداتها؟ وهل عمليّة التّطهير التي قادَها الرئيس زيلينسكي قضت على جميع القِيادات “المُختَرقة”؟ وما هي أبرز التحدّيات الأمنيّة والعسكريّة التي يُواجهها حاليًّا؟
ع اقتراب دُخول الحرب الأوكرانيّة شهرها السّادس (يوم الأحد المُقبل) وتقدّم القوّات الروسيّة وتعزيز سيطرتها على خُمْسِ الأراضي تقريبًا، خاصَّةً إقليم دونباس، بات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يُواجه عدّة أزمات استراتيجيّة تتفاقم:
-
الأولى: حُدوث اختِراقات خطيرة جدًّا للأجهزة الأمنيّة الأوكرانيّة من قِبَل نظيرتها الروسيّة، وتَصاعُد غير مسبوق لانشِقاق المسؤولين الكِبار فيها ولُجوئهم إلى موسكو.
-
الثانية: تسرّب كميّات كبيرة من الأسلحة المُتقدّمة التي تُرسلها الولايات المتحدة ودول أوروبيّة أُخرى لدعم الجيش الأوكراني إلى الأسواق السّوداء وبيعها إلى زبائن أو دول في أوروبا والعالم الثّالث، من بينها دبّابات وعربات مُدرّعة، وأجهزة رادارات ومنظومات صواريخ.
-
الثالثة: نجاح المُسيّرات والصّواريخ الروسيّة في قصف بعض مخازن الأسلحة الأمريكيّة أو شُحناتها وقبل وصولها إلى هذه المخازن مِثل صواريخ “هيمارس” بعيدة المدى.
الرئيس زيلينسكي طلب من البرلمان التّصويت على إقالة اثنين من كِبار المسؤولين في حُكومته الأُولى إيرينا فينيديكتوفا المدّعية العامّة، وإيفان باكانون رئيس الأجهزة الأمنيّة في الدّولة، وكان له ما أراد، مثلما أقال 28 مُوَظَّفًا من المسؤولين رفيعي المُستوى بتُهمة الخِيانة العُظمى وتسريب معلومات سريّة، أو التّعاون مع “العدوّ الروسي”.
الظّاهرة المُلفتة للنّظر أيضًا، أنّ مِئات من المسؤولين الكِبار في الدّولة الأوكرانيّة فضّلوا البقاء في المناطق التي باتت تحت حُكم الإدارة العسكريّة الروسيّة أو حُلفائها ولم ينسحبوا مع القوّات الأوكرانيّة المهزومة، الأمر الذي اعتبره خيانةً عُظمى، خاصَّةً أن نسبة كبيرة من هؤلاء يعملون في “جهاز الخدمة السريّة” أيّ الاستِخبارات العامّة، ويملكون الكثير من الأسرار في جُعبتهم ومن غير المُستَبعد أن يكونوا قد قدّموها للرّوس.
لا نعتقد أن الرئيس زيلينسكي قد أكمل عمليّة التّطهير لقوّات الأمن والجيش، لأنّ هذه الاختِراقات لم تبدأ مع اجتِياح وحدات الجيش الروسي لاوكرانيا يوم 24 شباط (فبراير) الماضي، وإنّما قبل ذلك بكثير، فالمُخابرات الروسيّة تملك أذرع قويّة داخِل أوكرانيا ومُؤسّساتها العسكريّة والأمنيّة مِثلما يتّضح من عمليّات الطّرد الأخيرة لما مجموعه 60 كادرًا رفيع المُستوى في هاتين المُؤسّستين.
لا يُمكن أن تُحَقِّق أيّ دولة انتصارًا على خُصومها في حالتيّ الحرب والسِّلم، إذا كانت مُؤسّساتها العسكريّة والأمنيّة مُختَرقةً من قِبَل الأعداء، ولا نعتقد أن أوكرانيا ستكون استِثناء، وما خفي أعظم، والأيّام المُقبلة ستكشف عن العديد من الاختِراقات الخطيرة.. واللُه أعلم.
“راي اليوم”
Views: 1