موسكو-(د ب أ)- رويترز- أوقفت روسيا إلى أجل غير مسمى تدفقات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم1، ما يفاقم من أزمة إمدادات الطاقة في أوروبا.
وأعلنت شركة جازبروم الروسية الحكومية العملاقة للنفط والغاز، التي كان يفترض أن تستأنف تشغيل خط أنابيب الغاز المار عبر بحر البلطيق يوم غد السبت بعد ثلاثة أيام من أعمال الصيانة، أن التوقف جاء نتيجة خلل فني.
وقالت جازبروم اليوم الجمعة إن تدفقات الغاز الروسية عبر خط الأنابيب إلى ألمانيا، ستظل متوقفة إلى ما بعد يوم السبت بعد رصد تسرب للغاز.
وقالت جازبروم إنه تم اكتشاف التسرب في محطة بورتوفايا لضغط الغاز، وأن الإمدادات ستظل متوقفة، إلى أن يتم حل ذلك.
ووفقا للشركة، تم رصد التسرب خلال أعمال صيانة جرت بالمحطة، بالتعاون مع خبراء من شركة سيمنس انرجي الألمانية.
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية اليوم الجمعة أن الخطوة تأتي بعد ساعات من إعلان مجموعة السبع أنها تمضي قدما مع خطة لمحاولة فرض سقف سعري على صادرات النفط الروسية، في إطار المساعي لخفض الإيرادات المتدفقة إلى موسكو، والتي يمكن استخدامها لتمويل حربها في أوكرانيا.
وأوضحت الصحيفة أن ذلك سيضاعف من المخاوف بالعواصم الأوروبية من أن روسيا تهدف إلى خفض الإمدادات بصورة أكبر قبل الأشهر الأشد برودة.
وتوجه الاتهامات إلى روسيا باستخدام الغاز كسلاح لتصعيد أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة، ردا على دعم الغرب لأوكرانيا.
وكتب المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، إريك مامر، على تويتر إن “إعلان جازبروم بعد ظهر اليوم بأنها ستغلق مرة أخرى نورد ستريم1 بإدعاءات وهمية هو تأكيد آخر على عدم الثقة في الاعتماد عليها كمورد”.
وقال إن “ذلك دليل أيضا على استخفاف روسيا، إذ أنها تفضل تأجيج أزمة الغاز بدلا من احترام العقود”.
وبعد قفزة الأسبوع الماضي لأعلى مستوياتها على الإطلاق، تراجعت أسعار الغاز الأوروبية في الأيام القليلة الماضية، لتنخفض بمقدار الربع لتصل إلى 209 يورو لكل ميجاوات في الساعة، على الرغم من أنها لا تزال أعلى بحوالي عشر أمثال متوسط المستوى في العقد الماضي.
كانت جازبروم قد أعلنت في 19 آب/ أغسطس أنها ستوقف التدفقات في الفترة بين يوم الأربعاء 31 آب/ أغسطس وحتى اليوم الجمعة 2 أيلول/ سبتمبر، لإجراء صيانة روتينية.
وبدأت جازبروم اعتبارا من حزيران/ يونيو تقليص إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط الأنابيب. وقبل أن يتم وقف التدفقات بشكل كامل، كانت تبلغ حوالي 20% من قدرة الخط الاستيعابية.
ويصر مسؤولون ألمان مرارا وتكرارا على أن خنق الإمدادات هو محاولة من جانب موسكو لمعاقبة برلين على موقفها في الحرب الأوكرانية ولفرض عقوبات على روسيا.
وفيما يلي إيضاح لخيارات أوروبا:
* ما هي الطرق الرئيسية لنقل لغاز الروسي إلى أوروبا؟
في العادة تزود روسيا أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب. وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب.
وعن طريق أوكرانيا، يصل الغاز إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية. وأغلقت أوكرانيا خط الأنابيب سوخرانوفكا الذي يمر في الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق البلاد.
وتسعى الدول الأوروبية إلى إيجاد إمدادات بديلة، ويشمل ذلك بعض الغاز الروسي الذي أوقفت موسكو ضخه بعد رفض طلب روسيا دغع الثمن بالروبل.
وما زالت دول أخرى، من بينها ألمانيا، في احتياج إلى الغاز الروسي وتحاول إعادة ملء مستودعاتها قبل حلول الشتاء.
وتشمل الطرق البديلة إلى أوروبا، والتي لا تمر عبر أوكرانيا، خط الأنابيب يامال-أوروبا الذي يمر عبر روسيا البيضاء وبولندا إلى ألمانيا.
وتبلغ طاقة خط يامال-أوروبا 33 مليار متر مكعب، أي نحو سُدس صادرات الغاز الطبيعي الروسية لأوروبا. ومنذ بداية العام الجاري تم عكس التدفقات لتكون إلى الشرق بين ألمانيا وبولندا.
وفرضت موسكو عقوبات على مالك الجزء البولندي من الخط يامال-أوروبا. ومع ذلك، قال وزير المناخ البولندي إن بإمكان بلاده أن تستخدم الخط دون عكس تدفق الغاز في خط يامال.
وفيما يتصل بنورد ستريم 1، ألقى الكرملين باللوم على العقوبات الغربية في التأخير في عودة معدات خاصة بالخط أُرسلت إلى كندا للصيانة.
* ما هي خيارات توريد الغاز المتاحة أمام أوروبا؟
بعض البلدان لديها خيارات إمداد بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، على الرغم من أن سوق الغاز العالمية كانت شحيحة حتى قبل الأزمة الأوكرانية.
وربما تستورد ألمانيا، أكبر مستهلك للغاز الروسي في أوروبا والتي أوقفت التصديق على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الجديد القادم من روسيا بسبب حرب أوكرانيا، الغاز من بريطانيا والدنمرك والنرويج وهولندا عبر خطوط أنابيب.
وتعمل النرويج، ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، على زيادة الإنتاج لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه المتمثل في إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.
وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة. ولا تعتمد بريطانيا على الغاز الروسي ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
ويمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر تركيا.
وقالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام.
لكن مصانع الغاز الطبيعي المسال الأمريكية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدي انفجار وقع في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية في تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر نوفمبر تشرين الثاني.
ولدى محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا قدرة محدودة أيضا على توريد كميات إضافية، على الرغم من أن بعض الدول تقول إنها تبحث عن طرق لزيادة الواردات والتخزين.
وألمانيا من بين أولئك الذين يرغبون في بناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وتخطط لبناء اثنتين في غضون عامين فقط.
وقالت بولندا، التي تعتمد على روسيا في نحو 50 بالمئة من استهلاكها من الغاز أو نحو عشرة مليارات متر مكعب، إنها تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا. وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج في أكتوبر تشرين الأول. كما تم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي.
وتريد إسبانيا إحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس، لكن فرنسا قالت إن محطات الغاز الطبيعي المسال الجديدة، التي يمكن أن تكون عائمة، ستكون خيارا أسرع وأرخص من عمل خط أنابيب جديد.
* خيارات بديلة
يمكن لبعض الدول أن تسعى لسد الفجوة في إمدادات الطاقة من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.
ويتراجع حجم المتاح من الطاقة النووية في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مع تعرض المحطات في هذه الدول لانقطاعات مع تقادمها أو وقف تشغيلها أو خروجها من الخدمة. وانحسرت مستويات المياه هذا الصيف بسبب قلة الأمطار وموجة الحر.
وتسعى أوروبا للابتعاد عن استخدام الفحم لتلبية أهداف المناخ، لكن أُعيد تشغيل بعض المصانع منذ منتصف عام 2021 بسبب ارتفاع أسعار الغاز.
واتفق وزراء الطاقة على أنه يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي خفض استخدام الغاز طوعا بنسبة 15 بالمئة اعتبارا من أغسطس آب إلى مارس آذار، مقارنة بمتوسط الاستهلاك السنوي خلال الفترة من 2017 إلى 2021، وطرحوا أهدافا على مستوى الاتحاد الأوروبي لتخزين الغاز.
وأطلقت ألمانيا المرحلة الثانية من خطتها الطارئة ذات المراحل الثلاث وحثت الشركات والمستهلكين على توفير الغاز لتجنب الاضطرار لترشيد الاستهلاك قسرا.
وقال وزير الطاقة الهولندي إن من الممكن اللجوء لحقل خرونينجن الهولندي لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية، لكن زيادة الإنتاج قد تتسبب في حدوث زلازل
Views: 3