عادت “الحرب السيبرانية” لتطفو على السطح كأحد أشرس الأسلحة المشهرة بين بكين وواشنطن هذه الأيام، عقب تبادل الجانبين الاتهامات بالقرصنة الدولية في أزمة نجماها هما مجموعة “فولت تايفون” وتحالف “العيون الخمس”.
تراشق الاتهامات بين بكين وواشنطن
نهاية الأسبوع، اتهم وزير البحرية الأميركية، كارلوس ديل تورو، مجموعة قرصنة “ترعاها الدولة الصينية” يطلق عليها اسم “فولت تايفون” Volt Typhoon، باستهداف قطع بحرية لبلاده تعمل في منطقة المحيط الهادئ.أكدت نفس الأمر شركة مايكروسوفت الأميركية قائلة إن هذه المجموعة تمكنت من الوصول إلى أهداف في الولايات المتحدة ومنشأة عسكرية رئيسية في المحيط الهادئ، بهدف إسكات الاتصالات بين القطع البحرية الأميركية إذا حدثت أزمة في المستقبل قرب جزيرة تايوان.
المجموعة التي تزعم واشنطن أنها صينية ليست المرة الأولى التي توجه لها اتهامات بتنفيذ هجمات سيبرانية؛ حيث قالت مايكروسوفت إنها متورطة في الهجوم على مؤسسات مالية هناك.
تقول مايكروسوفت التي رصدت أول نشاط للمجموعة إنها بدأت العمل في عام 2021، وأول ما استهدفته بنجاح منشآت بنية تحتية في جزيرة غوام الأميركية، حيث تمتلك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية كبيرة.
ركزت بشكل خاص على أهداف للطيران والاتصالات السلكية واللاسلكية والنقل البحري والبري، وتعتمد على اختراق أكبر قدر من قواعد البيانات المتاحة بشكل متخفي، ومن ثم سحب البيانات لاستخدامها في اختراق أجهزة وشبكات حساسة ومؤسسات مالية بحسابات صحيحة، وبعد ذلك يتم الهجوم بشكل سهل، بحسب مايكروسوفت.
العيون الخمس تتصدى
شاركت وكالة الأمن القومي الأميركي إلى جانب وكالات استخبارات من بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، مزيدا من التفاصيل حول هذه المجموعة ضمن تحالف استخباراتي يتبادلون فيه معلومات الأمن السيبراني، معروف باسم “العيون الخمس”.
و”العيون الخمس” حلف أنشأته أميركا من 5 دول تشمل كلّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا بهدف التصدي لهجمات سيبرانية، ووصفته عدة دول بأنه “سيئ السمعة”، خاصة روسيا والصين.
رد صيني
سارعت وزارة الخارجية الصينية إلى نفي الاتهام الأميركي، وقالت، الخميس، على لسان المتحدثة باسمها، ماو نينغ: “من الواضح أن هذه كانت حملة تضليل جماعية أطلقتها الولايات المتحدة من خلال العيون الخمس لخدمة أجندتها الجيوسياسية”.
ووصفت ماو نينغ تحالف “العيون الخمس” بأنه “أكبر مجموعة قراصنة في العالم”، و”أكبر منظمة استخباراتية في العالم”، كما وصفت الولايات للمتحدة ذاتها بأنها “القرصان الأكبر”، حسب ما نقلته عنها وكالة “شينخوا” الصينية الرسمية.
فوز بدون طلقات رصاص
يعلق الخبير في تكنولوجيا المعلومات، عبد الرحمن داود، على هذا التشاحن، وخلفياته بأن:
القلق يسود؛ لأن الهجمات السيبرانية أثناء الحروب إذا نفذت باحترافية ستعطي أفضلية لصاحب هذا السلاح.
السيطرة على أجهزة التحكم وقواعد البيانات بهجوم سيبراني يعني أن اقتصاد الدولة التي نفذ ضدها الهجوم، والشبكة العنكوبتية التي تحرك هذه البلد أصبحت تحت سيطرة دولة أخرى، يمكنها بسهولة تدمير البنية التحتية دون طلقة واحدة.
في أزمة تايوان، إذا نجحت الصين في تنفيذ هجوم سيبراني على الجزيرة وعلى الوحدات العسكرية الأميركية العاملة قربها، فاجتياح الجزيرة لن يستغرق كثيرا، أو على الأقل فإن الضربة الأولى ستحقق نجاحا دون أن يعطلها أحد.
لكن أميركا بحلف العيون الخمس الذي أنشأته للتصدي للهجمات الروسية والكورية الشمالية في الأساس يملك الأدوات لصد أي هجوم، بل بالعكس، هو بالفعل متهم بالتورط في هجمات سيبرانية.
والخلاصة، تنفيذ الهجمات السيبرانية يعد أنجح وأقسى من تنفيذ ضربة جوية؛ فهدف الضربة الجوية إخراج قطعة أو بناية عسكرية من الخدمة، وهو ما تستطيع الهجمات السيبرانية تنفيذه دون طلقة
Views: 4