سمير جعجع وجبران باسيل وجهان لفشلٍ واحد… استنتاج خلص إليه مُتبحّر في الواقع السياسي الحالي لطائفة المؤسّسين، بعد رحلة غوص طويلة وعميقة.
يقول الرجل المتأمّل والمتألّم في آنٍ، إنّه في الحالات العادية الحقد يحرق صاحبه، وإنما في حالتي جعجع وباسيل، حقدهما السياسي تهدّد ويتهدّد الموارنة وكلّ المسيحيين بمحرقة، لن يتوقّفا عن وأدها حتى “حرق” آخر مسيحي. يوصّف واقع الحروب التي لا تتوقّف بينهما إلاّ عندما يتحالفا مع “الشيطان” ضدّ ثالث، والثالث هذه المرّة هو سليمان فرنجية!
يقرأ الرجل في العراضات الرئاسية المتكرّرة للنائب جبران باسيل، فيخلص إلى أنّها معيبة في أسلوبها، خاوية في مضمونها، وفي غلافها الخارجي ليست أكثر من عرض عضلات، ويضيف بكلامٍ منكّه بسخرية عالية: “استنتجنا أنّ جبران باسيل صاحب أتخن شنب بالبلد”.
المتبحّر الذي عبر من “الأحمر” إلى “البرتقالي” ثمّ إلى “اللالون” بعد تجربتين مخيّبتين، يعبر من ضفّة جبران باسيل إلى ضفّة سمير جعجع ليقول إنّ الناجي الأخير من “ثوّار الأرز” الذين انفرط عقدهم، لا يحمل مشروعاً إلاّ ذاك الذي يغذّي أناه. يستعين المتبحّر بمكتبته، يختار كتاب إيلي الفرزلي “أجمل التاريخ كان غداً”، يقلّب صفحاته، ويقرأ أنّ جعجع الذي ينصّب نفسه زعيماً على اليمين المسيحي، عرض على غازي كنعان تسليمه رؤوس من يتعاملون مع العراق واستخباراته. يهزّ برأسه ويقول: أساساً حرب التحرير كانت حرباً بين “البعث العراقي” و”البعث السوري”، والذين غرقوا في بحرها اعتقدوا واهمين أنّهم يدافعون عن سيادة منتقصة.
يعبر المتبحّر من الجمهورية الأولى إلى الجمهورية الثانية، ويتأمّل في “غطسات” جعجع وباسيل الكثيرة، بدءاً من حروب الإخوة ـ الأعداء التي تتجدّد بسيناريوهات مختلفة، مروراً بـ “أوعى خيّك”، ذاك الاتفاق المشين الذي تقاسما بموجبه المسيحيين، وصولاً إلى تنابذهما وتباعدهما ومن ثمّ تشكيلهما جبهة متراصّة ضدّ فرنجية رغم تناقضهما، ويستحضر قصّة الأسد الجائع وإنما العاجز الذي استدرج أضعف مخلوقات الغابة إلى مائدته بحجّة توزيره كي يأكله، ويقول: في حمأة خوفهم على حاضرهم ومستقبلهم، استُدرج المسيحيون إلى سوق الأحزاب بحجة الحفاظ على حقوقهم، فيما الفراغ الرئاسي الذي تباركه هذه الأحزاب يهدر هذه الحقوق.
يتوغّل الرجل في تاريخ الموارنة المؤسّسين، ويخلص إلى أنّه شتّان ما بين الأوّلين والأخيرين. يقول إنّ الرعيل الأوّل جعل لبنان بلورة الشرق، بينما الرعيل الثاني كسر هذه البلورة، وجعل المسيحيين يمشون على زجاج مطحون. يغوص في الأسباب، ويستنتج أنّ رعاع الميليشيات أطفأوا بـ “صبيناتهم” أنوار “المارونيّة السياسيّة” قبل أن يقبض “الطائف” على صلاحيات المسيحيين في السلطة بكمّاشة من حديد، و”الصبينات” مستمرة.
بناءً على ما تقدّم، يجزم “الرجل العابر” أنّ الميليشيات الدولتيّة وغير الدولتيّة فتكت بنفوذ البيوتات السياسيّة، وحلّت وريثة لهؤلاء بحكم الأمر الواقع الذي فرضته بقوّة السلاح، وسمير جعجع وجبران باسيل هما وريثا هذه الحالة الفوضويّة على الساحة المسيحيّة، ويحاول الثاني خلط زيته بماء الأوّل، في تحدٍ لقوانين الطبيعة، التي تؤكّد أنّ جزيئات الماء لا تنجذب إلاّ لجزيئات الماء الأخرى، وأنّها تبتعد عن الزيت، ولذلك يطفو زيت باسيل على سطح ماء جعجع ولا يختلط معه، والمحاولة ليست إلاّ تضييعاً للوقت، ولتأكيد نظريته يضيف: 18 نائباً لجعجع و17 نائباً لباسيل، ومدّعيا القوّة يعانيان من بروستات سياسي مبكر!
كيف؟
ما من مرشّح رئاسي جدّي على طريق القصر، وإنّما مرشّح تسلية لقطع طريق القصر، والأنكى أنّ فكرة التقاعد السياسي لا تراود جعجع كما لا تراود باسيل، والفراغ الرئاسي يدقّ مسماراً جديداً في نعش المسيحيين
Views: 5