لماذا ستضع زيارة الرئيس تبون لموسكو اللبنة الأقوى في بناء “الجزائر الجديدة”؟ وما هي الطموحات الستة التي تسعى لتحقيقها؟ وهل ستلغي الزيارة المؤجلة لباريس؟
تُجسِد الزيارة التي يقوم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الى روسيا التي بدأت رسميا اليوم، وتستمر ثلاثة أيام، نهوض “الجزائر الجديدة” القوية، وإستعادتها التدريجية لمكانتها الإقليمية والعالمية، بعد عقود من الغياب لأسباب عديدة ليس هذا الحيز الضيق مكانا لسردها.
الرئيس تبون الذي ترأس وفد بلاده في منتدى الاعمال الروسي الجزائري يتطلع من خلال هذه الزيارة الى شراكة استراتيجية بين البلدين، في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، فالعلاقة بين البلدين تحالفية تاريخية متينة، ومرشحة لبلوغ ذروتها في الأعوام القليلة المقبلة.
التعاون الاقتصادي في المجالات كافة يحتل قمة جدول أعمال الرئيس الجزائري ويتضح ذلك من كلمته في المنتدى التي ركز فيها على مجموعة من الطموحات والحقائق والتطلعات نلخصها في النقاط التالية:
-
أولا: تأكيد الرئيس تبون على قانون جزائري جديد لتشجيع الاستثمار خاصة في مجالات التكنولوجيا وتسهيل فتح البنوك في الجزائر، وجرى توجيه دعوة للشركات والبنوك الروسية في العاصمة والمدن الجزائرية الأخرى مما يعني إعطاء أولوية خاصة للاقتصاد.
ad -
ثانيا: العام الحالي هو عام “الإنعاش الاقتصادي” في الجزائر، وستكون هناك أولوية خاصة للحليف الروسي وشركاته ومستثمريه في الاستراتيجية الجزائرية الجديدة.
-
ثالثا: تعتزم الجزائر الانضمام الى منظومة “بريكس” التي ستعقد قمتها في كيب تاون في آب (أغسطس) المقبل، حيث اكد سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي ان طلب الجزائر للانضمام يحتل الصدارة لمكانتها ومميزاتها الخاصة، مما يعني انها ستصبح عضوا فاعلا في المنظومة.
-
رابعا: الجزائر التي تحتل المرتبة الثانية كشريك تجاري لروسيا في القارة الافريقية وبميزان تجاري قيمته 3 مليار دولار سنويا، وثالث مستورد للسلاح الروسي في العالم بعد الصين والهند، تتطلع الى مضاعفة هذه الشراكة وتقليص التعاون مع بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا التي تتزايد الشكوك حول زيارة الرئيس تبون لها هذا الشهر.
-
خامسا: تحظى الجزائر بمكانة خاصة لدى القيادة الروسية لان حكومتها لم تطبق العقوبات الامريكية على موسكو، الامر الذي دفع عددا من أعضاء الكونغرس، وحسب تصريحات للوزير لافروف بإرسال رسالة احتجاج الى وزير خارجية بلادهم يحتجون فيها على هذا الموقف الجزائري، أي عدم الالتزام بهذه العقوبات.
-
سادسا: التعاون العسكري سيحظى بأهمية خاصة في هذه الزيارة في اطار سعي الجزائر لامتلاك أسباب القوة، وتحديث منظوماتها العسكرية بشراء أسلحة روسية متطورة جدا مثل طائرات “سوخوي 35” وصواريخ “اس 500”.
ما نريد ان نقوله في ختام هذه المقالة اننا امام حراك جزائري سياسي واقتصادي وعسكري جديد الهدف منه إستعادة الجزائر لمكانتها الإقليمية والدولية التي تستحق، وتكريس زعامتها في الساحات العربية والافريقية والدولية، وبدأ هذا الحراك النشط والفاعل بدعم القضية الفلسطينية وإستضافة قياداتها في العاصمة لتحقيق المصالحة ولم الشمل، وتكرّس بطرد “إسرائيل” من عضوية الاتحاد الافريقي، وجعل القضية الفلسطينية تحتل قمة جدول اعمال القمة العربية، والاهم من ذلك قيادة الجهود العربية لإعادة سورية الى الجامعة العربية.
انفتاح الجزائر على روسيا يعكس قراءة قيادتها الحكيمة للتطورات العالمية المستقبلية المتسارعة، حيث يتراجع النفوذ الأمريكي والغربي، لمصلحة عالم متعدد الأقطاب بزعامة الثنائي الروسي الصيني وعنوانه الأبرز إقامة نظام عالمي اقتصادي مالي جديد على أنقاض النظام الأمريكي، ونواته الأقوى منظومة “بريكس” والبديل لمجموعة “الدول السبع”، وحلف “الناتو”، وستكون ضربتها القاضية، أي منظومة “بريكس” إصدار عملة عالمية جديدة بديلا للدولار وإنهاء لهيمنته.
زيارة الرئيس تبون الحالية لموسكو هي الأهم في تاريخ البلاد الحديث لأنها ستضع أسس تحالف عالمي واقليمي تكون الجزائر لاعبا محوريا فيه، فالسنوات العجاف لفظت أنفاسها، والسنوات السمان قد بدأت.
“راي اليوم”
Views: 16