لا يوفر رئيس مجلس النواب نبيه بري مناسبة في هذه الأيام الرئاسية الصعبة إلا يستغلها من باب إمكان التوصّل الى مخرج يؤدّي الى انتخاب رئيس الجمهورية رغم كل هذا الكم من التعقيدات.
وأراد رئيس المجلس أن يتحدث عن انفراج يمكن البناء عليه بعد استقباله الموفد الفرنسي جان إيف-لودريان عند قول الأول “لقد فُتحت كوّة في جدار الملف الرئاسي” ومن دون أن يدلي بمعطيات أكثر.
إلامَ استند في فتح هذه الكوّة وسط كل هذا الظلام السياسي وانعدام الرؤية؟
يقول بري لـ”النهار” إنه سمع معطيات إيجابية من لودريان دفعته الى عكس إشارة التفاؤل هذه “التي يمكن البناء عليها”. ويضيف أنه في النهاية لا مفر من الحوار وتلاقي الكتل النيابية والعمل معاً لانتخاب رئيس الجمهورية و”هذه المهمة والواجب الدستوري والوطني تبقى مسؤولية اللبنانيين أولاً وأخيراً، والحوار قائم، صدّقوني”.
لا يريد بري الحديث أكثر حفاظاً على نجاح المساعي التي تقوم بها باريس التي تواصل مشوارها هذا من دون تراجع.
وفي تفاصيل خطة لودريان التي تقضي بتحديد التئام طاولة حوار في السفارة الفرنسية في أوائل أيلول المقبل، فهو يوجّه لكل من يجتمع معهم سؤالين: ماذا تريدون من الرئيس المقبل؟ وما المواصفات التي يجب أن يتمتع بها وتؤهّله للحلول في سدّة الرئاسة؟ وليس من الضروري أن يطلب الحصول على أجوبة من الافرقاء إبان زيارته الآن.
ووضع الموفد الفرنسي من يلتقيهم في حصيلة اجتماع “الخماسية” في الدوحة مع ملاحظة أنه لم يكن نجم هذا اللقاء رغم دور باريس وموقعها في لبنان بعد الزخم الذي عمل الرئيس إيمانويل ماكرون على إظهاره في تكليف شخصية مثل لودريان في هذه المهمة الشاقة التي لن يتخلى الفرنسيون عن متابعتها. وكان هناك طلب من أعضاء المجموعة بمنح باريس ثلاثة أشهر لمتابعة مبادرته في لبنان والعودة إليها بعد البناء على ما سيخلص إليه في آخر لقاءاته مع رؤساء الكتل النيابية. وعلى عكس ما تردّد لم تُطرح أسماء لدى المجموعة، وباريس لم تعد قادرة على التركيز على اسم المرشح سليمان فرنجيه ولو لم تعلن رسميا أنها تخلت عنه.
وتكشف جهات ديبلوماسية على تواصل مع باريس، أن الفرنسيين يعملون على عقد حوارات بين الأفرقاء اللبنانيين وليس ضرورياً أن تكون على شكل الطاولة التقليدية التي حصلت في سان كلو. وينطلق الفرنسيون هنا من حصر هذه الحوارات – إذا نجحوا في توفير الظروف المؤاتية لها – في انتخاب رئيس الجمهورية وأن لا تصل الى الدخول في النظام السياسي أو إجراء تعديلات دستورية، لكنهم في المقابل لا يمانعون، من باب تحصين موقع الرئيس المقبل، الاتفاق على اسم رئيس الحكومة والدخول أكثر إذا اقتضى الأمر في الأسماء التي ستحلّ في حاكمية مصرف لبنان والمدير العام لوزارة المال من باب تمكين رئيس البلاد والفريق الحكومي المقبل من التوصّل الى توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي ووضع مشروع حقيقي لإنقاذ البلد.
ويعرف الفرنسيون هنا خطورة تكبير الحجر حيث يبقى أول ما يهمهم هو انتخاب رئيس الجمهورية.
وثمة معطيات لا يمكن للودريان الخروج منها، أهمها تأكده من تفعيل حجم دور قطر في “الخماسية” نتيجة جملة من الأسباب التي تساعدها في التدخل في ملف الرئاسة اللبنانية وقد خبرت جيداً حقيقة مواقف الأفرقاء في لبنان بعد تجربة “اتفاق الدوحة” عام 2008.
ويعود مصدر قوة الدوحة الى تلقيها “قبّة باط” من واشنطن، ولا سيما أن العلاقات بين العاصمتين تسير في نحو إيجابي. ويضاف الى ذلك “دوزنة” علاقة قطر والسعودية حيث لم تعد توجد حساسيات بين البلدين. وتستفيد الدوحة من مروحة علاقاتها في الحديث مع مختلف الدول المعنية بلبنان وخصوصاً مع إيران.
Views: 13