تصلح الإجراءات المتخذة في مطار بيروت الدولي إلى اعتبارها إجراءات مطلوبة في الأيام العادية، رغم الترويج لها بأنها تأتي في سياق خطّة طوارئ، إذ لم تكن هناك أيّ خطوات استثنائية خارجة عن سياق حاجات المطار بعدما تدهورت حاله إلى الأسوأ منذ الأزمة النقدية والمصرفية في منتصف عام 2019. هذه الحاجات تتركّز في الصيانة وتجديد بعض التجهيزات التي استهلكت أكثر من عمرها أو صارت بمثابة خردة تكنولوجية. هذه خلاصة أوضح للعرض الذي قدّمه أمس وزير الأشغال علي حمية في مؤتمر صحافي خصّص للحديث عن الاحتياطات والإجراءات التي اتخذت في مطار بيروت لضمان السلامة العامة.
خرج الصحافيون من المؤتمر الصحافي متململين بلا إجابات عن أسئلتهم. فقد انتظروا سماع تدابير متّصلة بـ«خطّة حرب» وجهوزية المطار لمواجهة أي خطر أو عدوان، إلا أنهم أصيبوا بخيبة حين قال حمية: «وضعنا خطة طوارئ أقرّتها الحكومة أخيراً، لنكون على أتمّ الجهوزية لأيّ طارئ» من دون أن يقدّم أي شروحات حول هذه الخطّة، مبرراً ذلك بالقول: «لا نستطيع الغوص في التفاصيل». ورغم الضجّة التي أحدثها قرار شركة طيران الشرق الأوسط تقليص رحلاتها بنسبة 80% وتهريب أسطولها إلى الخارج وإبقاء 8 طائرات فقط عاملة في مطار بيروت، إلا أن رئيس مجلس إدارة «ميدل إيست» محمد الحوت، الذي عقد مؤتمراً صحافياً قبل أيام قام فيه مقام وزير الدفاع بالترويج للحرب، جلس إلى يسار حمية من دون أن يعلّق على الموضوع. أما الوزير فقد حصَرَ ردّه على هذا الموضوع متمسكاً بدور وظيفي محدود تجاه مسألة بهذا الحجم يكون فيها ممثلاً للحكومة ولجهة سياسية، إذ قال: «لوزارة الأشغال وصاية على المطار، وليس على شركة طيران الشرق الأوسط التي تأخذ قراراتها بناءً على المعطيات التي تملكها».
إذاً، فحوى المؤتمر الصحافي الذي عقده حمية، هو الإجراءات التي جرى اتخاذها «لسدّ 80% من الثغرات في المطار والتي أقرتها الحكومة في 19 من تشرين الأول الجاري»، بحسب حمية الذي يقول إن «60% من القرارات تُرجمت في خطط جاهزة للتنفيذ، فيما تعقد اجتماعات لترجمة القرارات الباقية». وأولها «تأمين رادارات حديثة للمديرية العامة للطيران المدني بعد إطلاق مناقصة قريباً، وبعدما تأمّن التمويل اللازم من منظمة الطيران المدني الدولي». وثانيها «صيانة آلات التفتيش عند جميع مداخل المطار سواء المخصصة للركاب أو للبضائع، وقد تأمّن التمويل لذلك أيضاً». أما ثالثها فهو إداري يتعلق بالشغور، إذ إنه «بعد 13 عاماً على شغور منصب المراقب الجوي، وضع ملف المراقبين على السكة الصحيحة وجرى استقدام 25 مراقباً لإدارة الملاحة الجوية، وأخذنا قراراً بأن تتعاقد وزارة الأشغال مع معهد لتدريب جميع المراقبين، بالإضافة إلى الاستعانة بـ 15 ضابطاً في القوات الجوية في الجيش اللبناني يمتلكون المؤهلات الكافية ليكونوا مراقبين مساعدين في الملاحة الجوية». وتلحظ الخطة أيضاً «توفير نظام اتصال مطار بيروت مع المطارات الأخرى بعد الإجازة التي حصلت عليها وزارة الأشغال من مجلس الإنماء والإعمار».
حركة ضعيفة جداً في قاعات المطار كانت واضحة للعيان
وعن العوائق التي تعترض حركة الطيران وتهدد سلامته، أشار حمية إلى «توفير التمويل المطلوب لإجراء مسح جوي فوق مطار بيروت في الأسابيع المقبلة بالتعاقد مع مديرية الشؤون الجغرافية وبالتعاون مع دار الهندسة». كما اتخذ مجلس الوزراء قراراً، بحسب حمية، «لدعم شركة طيران الشرق الأوسط لخدمة المطارات MEAS لتتمكن من الاستمرار في صيانة منشآت المطار وتشغيلها رغم تعثّرها اقتصادياً»، بالإضافة إلى قرار «توظيف 25 رجل إطفاء في المطار». إلى ذلك، أعلن حمية «اتخاذ قرار حكومي بتأمين خمسة ملايين دولار لمجلس الإنماء والإعمار من أجل تنفيذ مشروع الممر السريع المقرر تنفيذه قبل انتفاضة 17 تشرين وتدهور قيمة المبلغ المرصود، والذي يهدف إلى تخفيف الزحمة في المطار وفسح المجال أمام مليونَي راكب إضافي».
حضر المؤتمر الصحافي إلى حمية والحوت، المدير العام للطيران المدني فادي الحسن، و«كتيبة» من الأجهزة الأمنية والإدارية، في إشارة إلى أن الجميع على رأس عمله وأن المطار لم يتوقف عن تسيير رحلاته، رغم الفراغ الملحوظ في قاعاته والذي كان واضحاً للعيان في الجولة التي خصصت للصحافيين في قاعات الوصول والمغادرة وفي السوق الحرة المفتوحة للمسافرين. وكان حمية حريصاً على عمل عدسات الكاميرات، قائلاً «صوّرولي المطار، ما تصوّروني أنا». لكن، لا شيء يخفي الهدوء النسبي في حرم المطار، وأكثر ما يعبّر عنه قول أحد عناصر جهاز أمن المطار: «لقد بيّضت هذه المجموعة التي تجلس على مقاعد المغادرة وجوهنا».
Views: 7